مصرف لبنان المركزي يعلن الحرب على أموال حزب الله حظر شامل على التعامل مع ‘القرض الحسن”.. دلالات القرار

في خطوة أثارت اهتمام الأوساط الاقتصادية والسياسية، أصدر مصرف لبنان المركزي تعميمًا جديدًا يمنع المؤسسات المالية والمصرفية المرخصة من إجراء أي تعاملات مباشرة أو غير مباشرة مع جمعية “القرض الحسن”، المصنفة ضمن الكيانات التابعة لحزب الله. ويشمل الحظر كل أشكال النشاط المالي والمصرفي، سواء تعلق الأمر بالقروض أو تحويل الأموال أو تقديم الخدمات المالية.
مصرف لبنان المركزي
جمعية “القرض الحسن”، التي تُعد واحدة من أبرز أذرع حزب الله المالية، لطالما أثارت الجدل بسبب نشاطها خارج الإطار التنظيمي للمصارف الرسمية. وقد وُضعت في مرمى العقوبات الأميركية والدولية لاتهامها بتمويل عمليات مرتبطة بالحزب وبتجاوز القوانين المصرفية المعتمدة في لبنان.
مصرف لبنان، الذي يواجه ضغوطاً كبيرة من مؤسسات دولية ومن مجموعة العمل المالي (FATF)، اتخذ قراره الأخير كجزء من جهود لتفادي المزيد من العزلة المالية والدفع باتجاه التزام لبنان بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
دلالات القرار
البيان الصادر عن مصرف لبنان لم يأتِ في توقيت عشوائي، بل يتزامن مع تصعيد دولي ضد تمويل الكيانات غير الرسمية، وخصوصاً تلك المرتبطة بأطراف مسلحة أو مصنفة كمنظمات إرهابية. وقد جاء التعميم بصيغة حازمة تشمل كافة المؤسسات الخاضعة لرقابة المصرف المركزي، مع تحذير من اتخاذ إجراءات عقابية صارمة بحق كل من يخالف هذا الحظر.
القرار، وفق خبراء، لا يستهدف فقط إغلاق باب التعامل مع جمعية “القرض الحسن”، بل يشكل تحذيراً غير مباشر لأي مؤسسة أخرى تمارس أنشطة مالية خارج الإطار القانوني، أو تستخدم واجهات اجتماعية ودينية لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية.
التأثير المتوقع على الجمعية
في الواقع، لا يُعد قرار الحظر بمثابة مفاجأة، لكنه يمثل ضربة قوية للجمعية، خصوصاً من حيث قدرتها على التواصل المالي مع المصارف أو الاستفادة من خدمات النظام المصرفي اللبناني الرسمي.
رغم أن “القرض الحسن” تعمل غالباً خارج هذا الإطار، إلا أن عزلها رسمياً يعني حرمانها من أي دعم لوجستي أو غطاء قانوني، وربما يجعل التعامل معها مهدداً قانونياً حتى للأفراد.
قراءة سياسية
البُعد السياسي للقرار لا يمكن تجاهله. فالمصرف المركزي، برئاسة حاكم جديد بعد سنوات من التوتر والانقسام، يبدو مصمماً على إعادة رسم علاقة لبنان بالمنظومة المالية الدولية، حتى وإن كان الثمن الدخول في صدامات مع جهات محلية نافذة. القرار يمثل أيضاً إشارة إلى انفتاح المصرف على التعاون مع المؤسسات الغربية، في محاولة لاحتواء الضغوط واستعادة الثقة الدولية المفقودة.
مصرف لبنان
خطوة مصرف لبنان الأخيرة تجاه “القرض الحسن” تُعد من أبرز المؤشرات على توجه الدولة لضبط الفوضى المالية ومحاولة الالتزام بالمعايير الدولية. لكن نجاح هذه الخطوة يتوقف على مدى تطبيق القرار فعلياً، ومدى قدرة الجهات المختصة على مراقبة المخالفين، في بلد يعاني من هشاشة الرقابة المالية وانقسام الولاءات.