سياسي سوداني يوضح لـ« الإخبارية» كيفية تحريك الإخوان لدواليب الحرب

سياسي سوداني يوضح لـ« الإخبارية» كيفية تحريك الإخوان لدواليب الحرب

حرب السودان اليوم لم تعد مجرد صراع على السلطة، بل أصبحت ساحة تتجلى فيها هيمنة تنظيم الإخوان على مفاصل الدولة. حيث تلعب الشبكات المرتبطة بالتنظيم دورًا محوريًا في إدارة الحرب، مما يجعل أي مبادرة للسلام تهديدًا مباشرًا لمصالحهم. تصريحات البرهان، قائد الجيش، التي ترفض أي مسار تفاوضي، تعكس ضغطًا داخليًا من دوائر إخوانية وأمنية، مما يشير إلى حالة من الارتهان الكامل لأجندة التنظيم. هذه الهيمنة تتجلى في كيفية إدارة الحرب والموارد، مما يفاقم الأزمات الإنسانية ويعكس هشاشة المؤسسة العسكرية.

حرب السودان: صراع على السلطة وأبعاد خفية

لم تعد حرب السودان مجرد نزاع على السلطة، بل أصبحت ساحة مفتوحة يظهر فيها تنظيم الإخوان قدرته على السيطرة على مفاصل الدولة، خلف الدخان المتصاعد من مدن السودان، تقف شبكات الإخوان – بقياداتها الأمنية والمالية – كمحرك رئيسي يؤثر في مجريات الحرب، حيث تقوم بالتمويل والتوجيه والضغط، وتفشل أي مبادرة سلام تهدف لإنهاء النزاع وتبعدهم عن مركز السلطة.

تصريحات تعكس الهيمنة الإخوانية

وفي هذا السياق، كشف عروة الصادق، القيادي في حزب الأمة القومي وعضو التحالف المدني الديمقراطي "صمود"، في حديثه مع إقرأ نيوز، تفاصيل غير معلنة حول مدى الهيمنة الإخوانية داخل المؤسسة العسكرية، وكيف تُدار الحرب من خلف الكواليس، ولماذا يسير عبد الفتاح البرهان قائد الجيش عكس الاتجاهات الدولية والإقليمية التي تدعو لوقف إطلاق النار واستعادة الدولة المختطفة.

هيمنة خفية على القرار العسكري

أكد عروة الصادق أن التصريحات الأخيرة للبرهان – التي ترفض أي مسار تفاوضي – ليست مجرد ردود فعل عاطفية أو قراءات سياسية خاطئة، بل تعكس معادلة قوة مختلة داخل نظام الحكم، وكشف أن البرهان لم يعد هو صاحب القرار الوحيد في ملفي الحرب والسلام، بل يتحرك ضمن إطار يحدده نفوذ دوائر إخوانية وأمنية تمتلك السلطة في توجيه الخيارات العسكرية والمالية، وأضاف أن هذه الدوائر ترى أن استمرار الحرب هو الضامن الأكبر لبقاء نفوذها، وأن أي عملية سلام حقيقية تمثل تهديدًا لمصالحها السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان استطاعت إعادة إنتاج وجودها داخل الجيش عبر شبكات داخل الأجهزة الأمنية ودوائر التمويل المرتبطة باقتصاد الحرب.

ارتهان لا استقلال.. و"اقتصاد حرب" يوجّه البوصلة

يرى عروة الصادق أن تخبط قيادة الجيش في التعامل مع مبادرات السلام ليس عرضًا طارئًا، بل هو نتيجة منطقية لحالة "الارتهان الكامل" لأجندة التنظيم الإخواني، ويقول إن رفض البرهان للسلام لا يعبر عن استقلالية القرار، بل هو انعكاس لضغوط داخلية من الشبكة الحاكمة فعليًا داخل المؤسسة العسكرية، المكونة من ضباط موالين للإخوان وجهاز أمني يتحكم في التمويل والتوجيه، ويكشف أن هذه الشبكة مرتبطة بما يسميه "اقتصاد الحرب"، الذي يشمل تهريب الذهب عبر شبكات معقدة، جبايات غير قانونية، قنوات إمداد تستفيد من الفوضى، ومصالح تجارية تُتاح فقط في ظل غياب الدولة.

خطاب التشدد لتعويض التراجع الميداني

يفسر عروة الصادق التصعيد اللفظي المتكرر للبرهان وقيادات الجيش بأنه محاولة لتعويض التراجع الميداني الواضح خلال الأشهر الماضية، فالجيش فقد مدينة الفاشر الاستراتيجية، ويتعرض لضغوط عسكرية كبيرة في مناطق شمال وغرب كردفان، حيث تواجه وحداته حصارات شديدة في "الأبيض"، "أم سيالة"، و"بابنوسة"، ويضيف أن قادة الجيش يلجأون إلى خطاب متشدد بعد كل خسارة ميدانية كبيرة، بهدف طمأنة الحاضنة الإخوانية داخل المؤسسة العسكرية، مشيرًا إلى أن هذا الخطاب يهدف لإظهار أن القيادة صامدة ولن تقدم تنازلات، رغم أن الواقع يشير إلى تضييق هامش المناورة.

هواجس شخصية تُعيد إنتاج الأزمة

يذهب الصادق إلى أن خلف خطاب البرهان الرافض للتفاوض توجد هواجس شخصية وسياسية تتعلق بمستقبله في السلطة، ويضيف أن البرهان يدرك أن الدخول في مفاوضات سلام حقيقية يعني فتح نقاش حول مستقبل قيادة الدولة وإعادة ترتيب هرم السلطة، مما قد يؤدي إلى صيغة انتقالية مدنية أوسع أو قيادة جديدة بالكامل، لذا يفضل الإبقاء على حالة اللا حرب واللا سلام، مشيرًا إلى أن الترحيب الشكلي بأي جهود خارجية دون الالتزام الفعلي بها هو جزء من استراتيجية تعتمد على كسب الوقت، لكنها في المقابل تعمق عزلة السلطة وتضعف شرعيتها داخليًا وخارجيًا.

أزمة بنيوية تعصف بمؤسسة القرار

يشير الصادق إلى أن مؤسسة الجيش السوداني تعاني من "خلل بنيوي" في اتخاذ القرار نتيجة لتغلغل الإخوان داخل مفاصلها، ويقول إن قيادات الإخوان داخل الجيش والأمن تعاني من قصور كبير في فهم التحولات الإقليمية والدولية، خاصة بعد أن أصبح العالم يتجه نحو إنهاء الحرب في السودان، تجفيف منابع اقتصاد العنف، التضييق على التنظيمات المتطرفة، ودفع الأطراف السودانية نحو تسوية سياسية شاملة، ويبين أن القيادة التي تراهن على إطالة أمد الحرب تفقد ما تبقى لها من غطاء سياسي، سواء على مستوى الشراكات الإقليمية أو التفاهمات الدولية، مما يجعل خطاب الرفض المستمر مؤشراً على أزمة حقيقية.

هشاشة لا قوة

ويختتم عروة الصادق حديثه بتأكيد أن البرهان لا يرفض التفاوض من موقع قوة، بل من موقع هشاشة وضغط متزايد، ويقول إن البرهان محاصر بين ضغط حلفائه داخل منظومة الإسلاميين واقتصاد الحرب، وضغط إقليمي ودولي لا يمكن تجاهله، ومع غياب أي مشروع سياسي أو رؤية واضحة لدى السلطة، يصبح التشدد السياسي مجرد هروب إلى الأمام، ويضيف أن استمرار الحرب رغم الكارثة الإنسانية الكبيرة التي يعانيها الشعب السوداني يكشف أن القيادة العسكرية تؤجل الاعتراف بالواقع، وأن السلام قادم بحكم توازنات أوسع من إرادة شخص أو مجموعة، مهما رفعت من سقف خطابها.

Google News تابعوا آخر أخبار إقرأ نيوز عبر Google News
تيليجرام انضم لقناة إقرأ نيوزعلى تيليجرام