ثورة جديدة في صناعة القهوة البرازيلية.. «الروبوستا» يبرز بقوة بسبب التغيرات المناخية

تشهد صناعة القهوة في البرازيل تحولًا كبيرًا قد يؤثر على مذاق القهوة عالميًا، حيث بدأ المزارعون يتجهون نحو زراعة الروبوستا بسبب التغيرات المناخية التي تؤثر على إنتاج الأرابيكا، والذي كان يُعتبر الأفضل تاريخيًا، فالأرابيكا يعاني من موجات جفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى تراجع إنتاجه، بينما الروبوستا أثبت قدرته على التكيف مع الظروف القاسية، كما أن إنتاجه شهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مما يجعله خيارًا جذابًا للمزارعين وللمستهلكين، خاصةً مع زيادة الطلب عليه في الأسواق العالمية، مما يفتح آفاق جديدة لصناعة القهوة في البرازيل.

تحول صناعة القهوة في البرازيل

تشهد صناعة القهوة في البرازيل، التي تُعتبر أكبر منتج للبن على مستوى العالم، تغييرات كبيرة قد تؤثر على طعم القهوة عالميًا في المستقبل القريب، فقد كان صنف الأرابيكا، المعروف بنكهته الرقيقة، هو السائد تاريخيًا، لكن التغيرات المناخية دفعت المزارعين إلى الاعتماد على زراعة الروبوستا، الذي يتميز بمذاقه الأكثر مرارة ولكنه يمتلك قدرة أكبر على التحمل أمام الظروف القاسية مثل الحرارة والجفاف والأمراض.

تحديات زراعة الأرابيكا

وفقًا لتقرير وكالة بلومبرغ، فإن مناطق زراعة الأرابيكا التقليدية تواجه موجات جفاف أكثر شدة وتكرارًا، مع ارتفاع درجات الحرارة، مما أثر بشكل مباشر على الإنتاج وجودة الحبوب، ورغم أن الأرابيكا لا يزال يمثل الحصة الأكبر من صادرات القهوة البرازيلية، إلا أن إنتاج الروبوستا شهد نموًا أسرع، حيث تشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية إلى زيادة إنتاج الروبوستا بأكثر من 81% خلال العقد الماضي، نتيجة الخسائر التي تعرض لها الأرابيكا بسبب الظواهر المناخية المتطرفة.

التوجه نحو الروبوستا

يؤكد فيرناندو ماكسيميليانو، مدير قسم استخبارات سوق القهوة في شركة StoneX، أن التحول نحو الروبوستا لم يكن نتيجة لزيادة الطلب، بل كان بسبب التحديات المناخية، مضيفًا أن الخسائر التي تعرض لها الأرابيكا كانت المحرك الرئيسي لنمو الروبوستا، وقد شهد إنتاج الأرابيكا نموًا محدودًا خلال السنوات الثلاث الماضية بمعدل يتراوح بين 2% و2.5% سنويًا، بينما سجل إنتاج الروبوستا قفزات متتالية بنسبة 4.8% سنويًا، وبلغت هذه الزيادة 22% هذا العام، حيث أظهرت الروبوستا قدرتها على التكيف مع الظروف المناخية الصعبة.

تقنيات الزراعة المستدامة

في المناطق الأكثر حرارة، حيث لم يعد الأرابيكا قابلًا للزراعة، يعتمد المزارعون على تقنيات مثل الزراعة تحت ظل الأشجار الأصلية للحفاظ على رطوبة التربة ومنع تدهور الإنتاج، ويقول جوناتاس ماتشادو، المدير التجاري لشركة Café Apuí المنتجة للروبوستا في منطقة الأمازون، إن هذه الطريقة تساعد في الحفاظ على الرطوبة وضمان إنتاج مستدام حتى في الظروف القاسية.

المنافسة مع فيتنام

رغم أن فيتنام لا تزال المنتج الأول عالميًا للروبوستا، فإن البرازيل تتقدم بسرعة نحو منافستها بفضل بنية تحتية أكثر تطورًا واهتمامًا بتحسين جودة الإنتاج، مما يعزز فرصها في البقاء في الصدارة خلال السنوات المقبلة، حيث يتميز الروبوستا بارتفاع تركيز الكافيين ونكهة أقوى مقارنة بالأرابيكا، لكن الأجيال الشابة أصبحت أقل اهتمامًا بتفاصيل المنشأ أو المذاق الدقيق، وأكثر ميلًا للمشروبات المختلطة بالحليب والكريمات والنكهات التي تخفي الفروق بين أنواع الحبوب، حيث يشير ماثيو باري من شركة Euromonitor إلى أن جيل الشباب لا يركز كثيرًا على أصل الحبوب أو ملاحظات التذوق بل يبحث عن التجربة الكاملة للمشروب.

تأثير الأسعار على الطلب

مع ارتفاع أسعار القهوة عالميًا، قد يزداد توجه المستهلكين نحو الروبوستا الأقل تكلفة، خاصة في أوروبا حيث يشترط قانون جديد توثيق أن المنتجات المستوردة ليست من أراضٍ أزيلت غاباتها مؤخرًا، ويستثنى من هذا القانون القهوة سريعة التحضير التي تعتمد غالبًا على الروبوستا، مما قد يعزز الطلب عليها.

سوق القهوة الفورية

يمثل الاتحاد الأوروبي أكبر مستهلك للقهوة الفورية في العالم، بحصة تقترب من نصف الإيرادات العالمية للسوق، بينما تسجل أسعار الروبوستا نفسها مستويات قياسية بسبب زيادة الطلب وتحسن جودة الحبوب بعد تطوير أساليب الإنتاج، ويشير ألكسندرو تيشيرا، الباحث في الهيئة البرازيلية للبحوث الزراعية، إلى أن الإنتاجية العالية للروبوستا، التي تصل إلى ضعف إنتاجية الأرابيكا، وارتفاع الأسعار، شجع عددًا متزايدًا من المزارعين على التحول لزراعته، كما أن جهود تحسين الجودة جعلت الروبوستا أكثر جاذبية للمستهلكين، مما يعزز مكانتها في السوق العالمي رغم التحديات الناتجة عن التغير المناخي.