اتفاق سلام تاريخي بين رواندا والكونغو في واشنطن برعاية ترامب

اتفاق سلام تاريخي بين رواندا والكونغو في واشنطن برعاية ترامب

تستعد واشنطن لاستضافة حدث دبلوماسي بارز قد يغير مستقبل منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا حيث يجتمع الرئيس الأمريكي مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية لتوقيع اتفاقية سلام تاريخية تهدف لإنهاء صراع دموي دام لأكثر من ثلاثين عامًا، النزاع القائم بين الكونغو ورواندا يتمحور حول منطقة غنية بالثروات الطبيعية لكنها تعاني من صراعات مستمرة، يأتي هذا التوقيع بعد وساطة أمريكية مكثفة، ومن المتوقع أن يؤدي إلى تعزيز التعاون الإقليمي وفتح آفاق جديدة للتنمية والاستقرار في المنطقة، إذا تم الالتزام بشروط الاتفاق واحترام سيادة الكونغو.

تستعد العاصمة الأمريكية واشنطن لاستقبال حدث دبلوماسي هام له تأثير كبير على مستقبل منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا.

حيث سيقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس باستقبال رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي من أجل توقيع “اتفاقية السلام التاريخية” بين البلدين.

وقد تم الإعلان الرسمي عن ذلك من خلال المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، التي أكدت أن الاتفاق هو نتيجة وساطة أمريكية مباشرة استمرت لأشهر داخل واشنطن منذ نهاية يونيو، ووصفته بأنه إنجاز دبلوماسي كبير يهدف إلى إنهاء صراع دموي مستمر منذ أكثر من ثلاثين عامًا.

نزاع معقد يمتد لعقود

يتركز النزاع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا في شرق الكونغو، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية لكنها تعاني من صراعات مستمرة منذ التسعينيات، حيث تزايدت أنشطة الجماعات المسلحة وتداخل نفوذ القوى الإقليمية، وفي مقدمتها رواندا.

ومع بداية يناير من العام الجاري، زادت حدة الوضع بشكل ملحوظ بعد سيطرة حركة “إم 23” المسلحة، التي تتهمها الكونغو بأنها مدعومة من رواندا، على مدينتي غوما وبوكافو، وهما من أهم المراكز الحضرية في شرق الكونغو، مما أدى إلى تصاعد التوترات والاتهامات بين الجانبين بشأن انتهاك السيادة والدعم العسكري.

موقف الكونغو

وفي كينشاسا، أكدت المتحدثة باسم الرئيس فيليكس تشيسكيدي، تينا سلاما، أن الرئيس سيتوجه إلى واشنطن من أجل “إبرام اتفاق السلام مع رواندا” بشكل رسمي.

وأوضحت أن توقيع الاتفاق سيتضمن أيضًا تفاهمات أوسع تتعلق بالتكامل الإقليمي، وهو مشروع يسعى إليه تشيسكيدي منذ توليه السلطة لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني في المنطقة.

لكنها أكدت على أن احترام سيادة الكونغو الديمقراطية كان شرطًا أساسيًا للرئيس، مشيرة إلى أن تنفيذ الاتفاق يتطلب “انسحاب القوات الرواندية من الأراضي الكونغولية وإعادة بناء الثقة بين البلدين”.

تأكيد رواندي على الالتزام

ومن الجانب الرواندي، أكد وزير الخارجية أوليفييه ندوهونجيريهي لوكالة فرانس برس أن الرئيس بول كاغامي سيزور واشنطن للمشاركة في مراسم التوقيع، مؤكدًا التزام رواندا بما تم الاتفاق عليه بشكل رسمي.

ويأتي ذلك بعد أن اتهم كاغامي قبل أسبوع فقط السلطات الكونغولية بتأخير التوقيع رغم التقدم المحرز في المحادثات، مما يشير إلى استمرار التوتر السياسي بين الجانبين حتى اللحظة الأخيرة.

هشاشة الوضع الميداني

ورغم المسار الدبلوماسي الذي تعزز في النصف الثاني من 2025، لا يزال الوضع الميداني هشًا، حيث تبادل الجيش الكونغولي وحركة “إم 23” الاتهامات المتكررة بانتهاك وقف إطلاق النار خلال الأشهر الماضية، مما يجعل تنفيذ أي اتفاق لاحق رهينة التطورات العسكرية على الأرض.

وفي بداية نوفمبر، اعترف الجانبان بعدم إحراز تقدم فعلي، لكنهما تعهدا “بمضاعفة الجهود لتنفيذ اتفاقية السلام بواشنطن” وفق بيان مشترك صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، التي لعبت دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر وتهدئة الجبهات الساخنة.

خطوات تمهيدية

ومنتصف نوفمبر، شهدت الدوحة تقدمًا مماثلًا على المسار نفسه، حيث وقعت كينشاسا وحركة “إم 23” خارطة طريق تمهيدية لاتفاقية سلام جديدة تخص شرق الكونغو الديمقراطية.

وقد اعتُبرت هذه الخطوة داعمة للجهود الأمريكية، خاصة أنها جاءت بعد أسابيع من محاولات حثيثة لتثبيت وقف إطلاق النار وتخفيف التصعيد في المناطق المتوترة.

ورأت مصادر دبلوماسية أن هذه الخارطة تمثل خطوة لبناء الثقة بين الطرفين، رغم أن تطبيقها على الأرض لا يزال مرهونًا بما سيصدر عن قمة واشنطن.

تحول دبلوماسي

تمثل اتفاقية السلام التي ستوقع يوم الخميس في واشنطن تطورًا مفصليًا في العلاقات بين رواندا والكونغو، حيث إنها المرة الأولى منذ سنوات طويلة التي يجتمع فيها قادة البلدين تحت رعاية دولية للبحث عن حلول جذرية للنزاع، بعد عقود من الاتهامات المتبادلة والتدخلات العسكرية والصراعات بالوكالة.

كما تأتي الاتفاقية في وقت تحاول فيه واشنطن تعزيز وجودها في أفريقيا وتثبيت دورها كوسيط فاعل، في ظل تنامي المنافسة الدولية داخل القارة، خاصة من قبل روسيا والصين.

وفي حال نجاح تنفيذ الاتفاق، قد يمثل ذلك بداية مرحلة جديدة من الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، التي تعاني من الصراعات والنزوح والفقر، ويفتح الباب أمام مشاريع إعادة الإعمار وتقوية مؤسسات الدولة الكونغولية، ومواجهة الحركات المسلحة التي ظلت لعقود جزءًا من المشهد الأمني المتوتر في المنطقة.

Google News تابعوا آخر أخبار إقرأ نيوز عبر Google News
واتساب اشترك في قناة إقرأ نيوز على واتساب
تيليجرام انضم لقناة إقرأ نيوزعلى تيليجرام