في مثل هذا اليوم 10 سبتمبر 1919 شهد العالم حدثًا تاريخيًا مهمًا وهو توقيع معاهدة سان جيرمان التي كانت لها تأثيرات كبيرة على خريطة أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى حيث تم بموجبها إعادة توزيع الأراضي وتحديد مصير بعض الدول الجديدة وقد كانت هذه المعاهدة جزءًا من سلسلة معاهدات السلام التي أنهت الصراع الكبير وأثرت على العلاقات الدولية لعقود قادمة حيث تم فيها إلغاء الإمبراطورية النمساوية المجرية وظهور دول جديدة مما غير ملامح المنطقة بشكل جذري واستمر تأثيرها حتى يومنا هذا في تشكيل السياسات الأوروبية والعالمية.

معاهدة سان جيرمان: تأثيرها على تاريخ أوروبا

تُعتبر معاهدة سان جيرمان واحدة من أبرز نتائج الحرب العالمية الأولى، حيث وُقعت في 10 سبتمبر 1919، في مدينة سان جيرمان الفرنسية، بعد انتهاء النزاع الدامي، وقد شملت هذه المعاهدة توقيع 27 دولة حليفة، مما ساهم في كسر شوكة الإمبراطورية النمساوية المجرية، ورغم ذلك، تأخرت رومانيا ويوغوسلافيا في التوقيع على هذه الوثيقة بسبب اعتراضهما على بعض ضمانات المعاهدة المتعلقة بالأقليات، حيث استغرق الأمر عدة أشهر حتى اقتنعت الدولتان بالتوقيع، وفي 17 أكتوبر من نفس العام، وافق البرلمان النمساوي على المعاهدة، التي أصبحت سارية اعتبارًا من 16 يوليو 1920.

أهم بنود المعاهدة وتأثيرها على الدول الأوروبية

تضمنت معاهدة سان جيرمان عدة بنود هامة، حيث نص الجزء الأول منها على إمكانية انضمام النمسا إلى عصبة الأمم بعد فترة من حسن السلوك، بينما خفض الجزء الثاني من الاتفاقية مساحة النمسا من 297.800 كم² إلى 83.835 كم² فقط، كما شملت المعاهدة ثمانية بنود تهدف إلى الحفاظ على استقلال وسلامة الأقليات النمساوية، وبفضل هذه المعاهدة، حصلت كل من بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر ويوغوسلافيا على استقلال كامل، بالإضافة إلى استعادة بعض الأراضي التي كانت تحت سيطرة النمسا قبل الحرب، كما تم تسليم معظم الأسطول النمساوي المجري إلى الحلفاء، حيث احتفظت النمسا بأربعة قوارب فقط للحراسة.

تداعيات المعاهدة على السياسة الأوروبية

على الرغم من أن بنود المعاهدة منعت قيام أي اتحاد بين ألمانيا والنمسا، إلا أن التاريخ شهد تغييرات دراماتيكية، حيث استطاع أدولف هتلر في عام 1938 فرض اتحاد مع النمسا، مما أدى إلى إلغاء هذه الاتفاقية خلال الحرب العالمية الثانية، وتبقى معاهدة سان جيرمان رمزًا لتأثير الحرب العالمية الأولى على تشكيل خريطة أوروبا السياسية، وكيف أن التغيرات الجذرية في السياسات الدولية يمكن أن تؤدي إلى تغييرات جذرية في مصير الأمم والشعوب.