مأساة حسام أبوصفية تبرز معاناة عائلات كثيرة تعيش في ظل الاحتلال الإسرائيلي حيث اختفى مدير مستشفى كمال عدوان في ظروف غامضة مما أثار تساؤلات عديدة حول مصيره وحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة لا تزال عائلته تبحث عن إجابات وتنتظر لحظة عودته إلى أحضانهم بينما تتزايد المخاوف من تدهور حالته الصحية في السجون الإسرائيلية تروي هذه القصة مأساة إنسانية تعكس واقعاً مؤلماً يعاني منه الكثيرون في المنطقة وتسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى تحقيق العدالة والحرية لكل من غيبتهم السجون.
غزة تحت القصف: مستشفى كمال عدوان في قلب المعاناة
في الساعات الأولى من صباح 27 ديسمبر 2024، اهتزت جدران مستشفى كمال عدوان في شمال غزة تحت وقع الغارات الإسرائيلية، ومع شروق الشمس أغلقت الجرافات الطرق المؤدية إلى المدخل، بينما أحاطت الدبابات بالمنشأة وظهر القناصة في كل مكان، داخل المستشفى كان هناك 350 مريضًا وأطباء وممرضون وعائلاتهم يختبئون في الممرات، قبل أن يتم إغلاق المستشفى بالقوة ويُعتقل مديره الدكتور حسّام أبوصفية مع عشرات من أفراد الطاقم الطبي، تلك اللحظات كانت تعكس واقعًا مأساويًا يعيشه القطاع الصحي في غزة.
ثمانون يومًا من الصمود تحت الحصار
مستشفى كمال عدوان كان آخر مستشفى يعمل في شمال غزة بعد تدمير أو إغلاق معظم المرافق الصحية، تولى الدكتور أبوصفية إدارة المستشفى في مطلع 2024 عقب اعتقال المدير السابق، ورغم تدهور الإمكانيات، بذل جهودًا كبيرة لإعادة فتحه ليخدم المرضى والنازحين، إحدى العاملات في المستشفى أكدت في تصريحات خاصة: «الدكتور حسام كان يشعر أن كل شخص في الشمال سيموت لو ترك المستشفى مغلقًا، كان دائمًا يقول: لنخدم الناس حتى آخر نفس»، تلك الكلمات تجسد روح الإصرار والتفاني في العمل الذي ميز فريق المستشفى.
فقدان الابن: ألم لا يُحتمل
في أكتوبر 2024، اقتحمت القوات الإسرائيلية المستشفى واعتقلت العشرات من الطاقم، وبعد يوم واحد، فقد الدكتور حسام ابنه إبراهيم البالغ من العمر 20 عامًا في غارة جوية، زميله الممرض عبدالمنعم الشرفي روى كيف رأى الدكتور يبكي لساعات بعد فقدان ابنه، ولكنه لم يتوقف عن العمل، حتى أثناء جنازة إبراهيم، استُدعي لإجراء عملية جراحية، ودخل غرفة العمليات وهو يحمل دموعه، وبعد أسابيع، أصيب أبوصفية بشظايا طائرة مسيّرة، ومع ذلك، أقسم أن يستمر في مهمته الإنسانية، حيث كان يؤمن أن بقاء المستشفى يعني بقاء الناس في الشمال.
الاعتقال والتعذيب: معاناة مستمرة
مع نهاية ديسمبر، نفذ الجيش الإسرائيلي هجومه الأخير على المستشفى، حيث أُجليت النساء والمرضى إلى مستشفى آخر، فيما جُرد أبوصفية وبقية الأطباء من ملابسهم ونُقلوا إلى مراكز اعتقال عسكرية، المحامية غيد قاسم، التي تتولى الدفاع عنه، أوضحت أن موكلها محتجز بموجب قانون «المقاتلين غير الشرعيين»، مما يتيح لإسرائيل سجن الفلسطينيين من غزة إلى أجل غير مسمى دون محاكمة، ورغم تعرضه للتعذيب وكسر أضلاعه، إلا أن الدكتور حسام كان يسأل دائمًا عن وضع القطاع الصحي في شمال غزة.
رسالة الأمل رغم الغياب
رغم فقدانه ابنه وإصابته واعتقاله، لا يزال أبوصفية في نظر زملائه تجسيدًا لإصرار الأطباء على البقاء في الميدان حتى اللحظة الأخيرة، زوجته قالت: «نحاول أن نطمئنه عبر المحامي، نقول له إننا بخير، لكن الحقيقة أننا لسنا بخير وهو أيضًا ليس بخير»، تلك الكلمات تعكس عمق المعاناة التي يعيشها الكثيرون في غزة، ورغم كل شيء، تبقى الرسالة الإنسانية حاضرة في قلوبهم.
التعليقات