خرجت من عالم أعتى الفلاسفة الملحدين أكثر إيمانًا بعد أن زرت بيت الحكمة حيث تتجلى الفلسفة في أسمى صورها وتلتقي الأفكار المتنوعة في حوار عميق يجمع بين العقل والروح لقد كانت تجربة مدهشة جعلتني أتأمل في معاني الحياة والوجود وكيف أن الفلاسفة رغم اختلافاتهم يمكن أن يقودونا إلى إيمان أعمق وأوضح فكل فكرة تمثل جزءًا من رحلة البحث عن الحقيقة وهذا ما وجدته في بيت الحكمة حيث يتلاقى الفكر الإنساني في أبهى تجلياته ويعزز من فهمنا للعالم من حولنا ويجعلنا نعيد التفكير في مسلماتنا وتصوراتنا القديمة عن الإيمان والوجود.

دكتور محمد الخشت في بودكاست «بيت الحكمة»: فلسفة الدين ودورها في تعزيز الحوار الثقافي

شارك الدكتور محمد عثمان الخشت، المفكر وأستاذ فلسفة الأديان، في حلقة مميزة من بودكاست «بيت الحكمة» الذي تقدمه جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية عبر قناتها الرسمية على «يوتيوب»، حيث تناولت الحلقة موضوع «فلسفة الدين» والعلاقة المعقدة بين الفلسفة والإيمان والعقل والعلم، وكيف يمكن للفلسفة أن تفتح آفاقًا جديدة لفهم الدين وتعزيز الخطاب الديني المعاصر، في إطار سعي الجامعة لتقديم محتوى فكري راقٍ يسهم في إثراء الحوار الثقافي والديني.

الخوف من الفلسفة: أسباب وتداعيات

أدار النقاش الأستاذ فهد الحمادي، حيث بدأ الدكتور الخشت بتسليط الضوء على أسباب الخوف من الفلسفة، موضحًا أن هذا الخوف غالبًا ما ينشأ من الجهل بها أو ضعف الإيمان، أو من جماعات تعتمد على التلقين والطاعة وتخشى التفكير النقدي، وأكد أن القرآن الكريم يدعو إلى التفكر والتدبر كركيزة أساسية للإيمان، مشيرًا إلى قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام كنموذج للتفلسف والاستدلال العقلي. كما ناقش مفهوم «الحقيقة» واختلافها بين الأديان، مفرقًا بين التيار الإقصائي الذي يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة وتيار التعددية، واقترح مسارًا ثالثًا يقوم على الإيمان بحقيقة دين معين مع الاعتراف بحق الآخرين في الوجود والتعايش السلمي.

فلسفة الدين: نحو منهج جديد

تطرق الدكتور الخشت إلى الفارق بين «فلسفة الدين» و«علم الكلام»، حيث أوضح أن علم الكلام يستخدم العقل للدفاع عن عقائد راسخة، بينما فلسفة الدين تمثل تفكيرًا عقليًا نقديًا في الدين كظاهرة شاملة. وأكد أن الحاجة ماسة إلى «علم كلام جديد» يتجسد في فلسفة الدين، التي تهدف إلى التفكير العقلي في الدين كظاهرة إنسانية شاملة، تتجاوز عقائد دين معين إلى تحليل المفاهيم الدينية والقيم الأخلاقية والتجارب الروحية. وشدد على أن هذا التوجه النقدي لا يتعارض مع الإيمان بل يعمقه على أسس عقلانية متينة.

تعزيز التسامح والتعايش السلمي

في ختام النقاش، دعا الدكتور الخشت إلى تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات المختلفة، مؤكدًا أن الهدف يجب أن يكون بناء مجتمعات متعددة ومتنوعة، حيث يتعايش الجميع تحت مظلة القانون والدستور، مع الحفاظ على هوياتهم الدينية والثقافية. وأكد أن الأديان السماوية، رغم نقاط الالتقاء بينها في القيم المشتركة، تظل مستقلة بذاتها ولها عقائدها وشعائرها وتاريخها الخاص، مما يعزز من قيمة التعددية ويفتح الباب أمام حوار بناء يسهم في إثراء الحضارة الإنسانية.