تعتبر التغيرات المناخية من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات الأوروبية اليوم حيث يزداد تأثيرها بشكل ملحوظ على الفئات الأكثر ضعفاً وخاصة الأكبر سنًا الذين يعانون من مشاكل صحية متعددة وقد تتسبب هذه التغيرات في تفاقم الأزمات الصحية مما يؤدي إلى مخاطر تصل إلى الوفاة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة أو تقلبات الطقس القاسية بالإضافة إلى تأثيرها على جودة الهواء والمياه ما ينعكس سلباً على صحة كبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة وتوفير بيئة آمنة لهم لمواجهة هذه التحديات المتزايدة في عالم يتغير بسرعة.
تأثير تغير المناخ على الوفيات الناتجة عن موجات الحر في أوروبا
أظهرت دراسة حديثة أن تغير المناخ أدى إلى تضاعف عدد الوفيات الناجمة عن موجات الحر في أوروبا هذا الصيف، حيث أشار الخبراء إلى أن بضع درجات إضافية من الحرارة قد تكون الفارق بين الحياة والموت لآلاف الأشخاص، وقد أودت هذه الظروف بحياة 16500 شخص إضافي في جميع أنحاء القارة، وفقًا لعلماء المناخ وعلماء الأوبئة.
ركزت الدراسة على 854 مدينة أوروبية، حيث وجد الباحثون أن تغير المناخ كان مسؤولًا عن 68% من الوفيات المرتبطة بالحر، والتي بلغت 24400 حالة هذا الصيف، مما رفع درجات الحرارة بمعدل يصل إلى 3.6 درجة مئوية. وقد حذر باحثون من إمبريال كوليدج لندن وكلية لندن للصحة والطب الاستوائي من أن هذه الأرقام تمثل فقط جزءًا من الواقع، حيث أن المدن التي تم تحليلها لا تمثل سوى 30% من سكان أوروبا.
أرقام مثيرة للقلق حول الوفيات بسبب موجات الحر
تأتي هذه النتائج بعد دراسة سابقة أجراها نفس الفريق، والتي أظهرت أن تغير المناخ قد تسبب في تضاعف عدد الوفيات الناتجة عن موجة الحر التي اجتاحت أوروبا في يوليو. وكانت الدول الأكثر تضررًا هي رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص، حيث قُدِّر عدد الوفيات الناجمة عن الحر في الفترة من 21 إلى 27 يوليو بنحو 950 حالة، مع تجاوز درجات الحرارة المعدل المتوسط بست درجات مئوية، مما يعادل حوالي 11 حالة وفاة يوميًا لكل مليون شخص.
بالإضافة إلى ذلك، كانت روما وأثينا وبوخارست من بين العواصم الأوروبية التي شهدت أعلى معدلات وفيات فردية، حيث يعكس ذلك تعرض هذه المدن لدرجات حرارة مرتفعة، لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل التركيبة السكانية وتلوث الهواء، مما يزيد من تعقيد المشكلة.
موجات الحر كقاتل صامت
تصدرت الوفيات الناتجة عن الحر الشديد عناوين الأخبار هذا الصيف، لكن الغالبية العظمى من هذه الوفيات لا يتم الإبلاغ عنها، حيث يموت الكثيرون بسبب حالات صحية كامنة مثل مشاكل القلب أو الجهاز التنفسي، والتي تتفاقم بسبب الحرارة المرتفعة. ويُسجل معظم الوفيات في المنازل والمستشفيات، حيث يُدفع الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية إلى أقصى طاقتهم، لكن نادرًا ما يُذكر تأثير الحرارة في شهادات الوفاة، كما يوضح الدكتور غاريفالوس كونستانتينوديس من إمبريال كوليدج لندن.
وأكد الدكتور أكشاي ديوراس، باحث في المركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي، أن البحث يبرز أن الحرارة لا تؤثر بشكل متساوٍ على الجميع، حيث يتأثر كبار السن بشكل أكبر، إذ تحدث أكثر من 80% من الوفيات المرتبطة بالحرارة الزائدة بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. ومن المتوقع أن يشكل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا 15% من سكان أوروبا بحلول عام 2100، مما يجعل هذه القضية أكثر إلحاحًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة في القارة.
التعليقات