وفد «الإيكواس» في غينيا بيساو.. 3 احتمالات في «اختبار الشرعية»

وفد «الإيكواس» في غينيا بيساو.. 3 احتمالات في «اختبار الشرعية»

زيارة وفد منظمة “الإيكواس” إلى غينيا بيساو تُعتبر لحظة مفصلية في النظام السياسي في غرب أفريقيا، حيث جاءت بعد انقلاب عسكري على الحكومة المدنية. الخبراء يرون أن هذه الزيارة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة المنظمة على فرض قواعد الديمقراطية والانتخابات، في ظل تكرار الانقلابات في المنطقة. الباحثون مثل الدكتور ساديكو كويسي يؤكدون أن نجاح “الإيكواس” في إعادة النظام الدستوري سيكون رسالة قوية تعزز الثقة في الانتقال الديمقراطي. الخيارات المطروحة تشمل فرض عقوبات على الانقلابيين أو التفاوض على حكومة انتقالية، مما يبرز أهمية دور “الإيكواس” في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.

تحديثات زيارة وفد "الإيكواس" إلى غينيا بيساو.

تم تحديثه الإثنين 2025/12/1 07:16 م بتوقيت أبوظبي

زيارة وفد "الإيكواس".

زيارة وفد منظمة "الإيكواس" إلى غينيا بيساو اعتبرها الخبراء نقطة تحول مهمة للنظام السياسي في غرب أفريقيا.

وجهة نظر الخبراء.

خبراء متخصصون في شؤون الساحل الأفريقي أكدوا في تصريحاتهم أن زيارة الوفد الرفيع المستوى من "الإيكواس" إلى غينيا بيساو، التي شهدت انقلاباً على النظام الدستوري الأسبوع الماضي، تمثل اختباراً حقيقياً لقدرة الكتلة الإقليمية على فرض قواعد الدستور والانتخابات في مواجهة الانقلابات المتكررة، ولإعادة الثقة بأن الانتقال الديمقراطي لا يزال خياراً متاحاً، رغم ما شهدته المنطقة من تجارب سابقة فاشلة.

الدكتور ساديكو كويسي، الباحث في شؤون الحكم والديمقراطية ومنسق مشروع "استقرار غرب أفريقيا"، أشار إلى أن فرصة "الإيكواس" الأخيرة أمام غينيا بيساو ليست مجرد مبادرة إنقاذ، بل هي "اختبار شرعية"، موضحاً أنه في حال نجاحها في فرض عودة النظام المدني عبر انتخابات شفافة ونزيهة، ستكون رسالة قوية لكل من يفكر في الانقلاب مستقبلاً.

كما أضاف أن خيار العقوبات قد يكون أكثر فعالية من الحوار مع العسكريين، لأن الحوار مع من يرفضون الانتخابات لا يؤدي إلا لتأخير الاستحقاقات، ومنح الانقلابيين شرعية غير مكتوبة.

أسباب الزيارة.

قبل أيام قليلة، تم الإطاحة بالحكومة المدنية في غينيا بيساو بعد انتخابات شهدت جدلاً واسعاً، حيث أعلن الجيش تعليق نتائج الانتخابات وتشكيل حكومة انتقالية.

رد "الإيكواس" كان سريعاً بتعليق عضوية غينيا بيساو في هيئات القرار بالمنظمة، والتعبئة لبعثة وساطة عاجلة لطلب عودة النظام الدستوري فوراً.

المنظمة تخشى أن يؤدي الصمت أو التراجع إلى تعزيز "عادة الانقلابات" في دول أخرى، مما قد يفقدها قدرتها على ضبط المسار الديمقراطي في غرب أفريقيا.

أجندة وفد "الإيكواس".

من المقرر أن يلتقي الوفد، الذي يضم رؤساء دول وممثلين من عدة دول غربية أفريقية، مع القيادة العسكرية التي استولت على السلطة، ومسؤولين من المعارضة، بما في ذلك مرشح الرئاسة الذي يرفض الانقلاب ويطالب بإعلان نتائج الانتخابات الحقيقية، وممثلي المجتمع المدني والمفكرين والفاعلين السياسيين في غينيا بيساو، للاستماع إلى مطالبهم ومخاوفهم.

كما سيبحث الوفد سبل ضمان عودة حرية التعبير، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وجدول زمني للانتقال إلى حكم مدني.

الخيارات المطروحة.

ساديكو كويسي رأى أن الوفد أمام عدة بدائل واضحة، من بينها إعادة الانتقال إلى الشرعية الانتخابية، بإعلان نتائج الانتخابات الرسمية وإعادة الاعتراف بها، ثم تنظيم جولة تكميلية أو انتخابات جديدة.

وأوضح أن الخيار الثاني هو فرض عقوبات دولية وإقليمية على الانقلابيين في حال رفضوا التراجع، تشمل تجميد الأصول، حظر السفر، وعزل دبلوماسي.

وأشار إلى أنه من بين الخيارات المطروحة التفاوض على حكومة انتقالية تضم مدنيين ومعارضة مع ضمانات أمنية وسياسية، كحل وسط لتفادي فراغ مؤسساتي.

أما الخيار الأخير فهو التخلي المؤقت عن غينيا بيساو، إذا رفض العسكريون التعاون، مما يعني انسحاب "الإيكواس".

حساسية دور "الإيكواس".

اعتبر الباحث السياسي أن دور "الإيكواس" الآن في غينيا بيساو حساس للغاية، لأسباب عدة، حيث إن المنظمة تواجه اختباراً لقدرتها على فرض قواعد ديمقراطية في وجه الانقلابات، خصوصاً بعد خروج دول مثل النيجر ومالي وبوركينافاسو من نطاق التأثير.

ورأى أن أي فشل في غينيا بيساو يعني انتكاسة كبيرة لسمعتها كضامن للاستقرار في غرب أفريقيا.

ولفت إلى أنه يمكن أن يرى البعض تدخل "الإيكواس" كمعيار لتصرفات الانقلابات المقبلة، فإذا نجحت، يقل احتمال حدوث انقلابات؛ وإذا فشلت، قد ترتفع وتتكاثر.

مخاوف "الإيكواس".

الكتلة الإقليمية حذرت من أن السماح بانقلاب جديد دون عقاب يعادل شرعنة الانقلابات.

تصر "الإيكواس" على استعادة الدستور، حيث إن كل يوم يمر دون حل يعمق الشكوك حول جدّيتها ويشجع أطرافاً أخرى على المحاولة.

مارياما بانجورا، الباحثة في العلاقات الدولية والأمن الأفريقي، أكدت أن الرهان ليس فقط على "الإيكواس"، بل على إرادة الشعب في غينيا بيساو.

وأوضحت أن إطلاق العنان للاحتجاج السلمي، وضغط المجتمع المدني، ومتابعة الشفافية الدولية كلها مفاتيح لحماية أي اتفاق، فبدون مشاركة المواطنين، أي توافق سيظل هشاً.

وحذرت من أن خروج "الإيكواس" ضعيفة سيكرّس شعوراً باليأس السياسي ويفتح الباب أمام تحولات غير مسبوقة، تشمل تحالفات مع قوى خارج غرب أفريقيا، وربما تحول غينيا بيساو إلى أحد مراكز النفوذ الموازية.

زيارة وفد "الإيكواس" إلى بيساو تمثل اليوم فرصة حاسمة، فإما أن تُصان الديمقراطية في بلدٍ آخر من غرب أفريقيا، أو أن تُصاغ مرحلة جديدة من العنف السياسي، تضع المنظمة الإقليمية أمام مسار حسم، بين أن تبقى مرجعاً للشرعية، أو تُصبح جزءاً من تاريخٍ ماضٍ من التنازلات.

سيناريوهات ما بعد الزيارة.

رسمت الباحثة ثلاث سيناريوهات محتملة لنتائج الزيارة، وهي الاستجابة المحدودة من العسكريين عبر قبول نشر النتائج وبدء حوار مشروط، وهو السيناريو الأكثر واقعية، أما السيناريو الثاني فهو مواجهة سياسية قد تتطور إلى عقوبات وعزلة، وربما طرد بيساو من هياكل المنظمة كما حدث مع النيجر.

السيناريو الثالث، وفقاً للباحثة، هو انفراج جزئي يقبل خلاله الانقلابيون بتقصير الفترة الانتقالية، مع احتفاظهم بقدر من النفوذ داخل الحكومة.

هل تنجح "الإيكواس"؟

رأت أن قدرة "الإيكواس" على النجاح تعتمد على مدى استعداد العسكريين للتراجع، وعلى موازين القوى الداخلية بين الفاعلين السياسيين، وعلى وحدة موقف دول المنظمة نفسها.

لكن المؤشرات الحالية تُظهر أن بيساو قد تسلك أحد طريقين، إما العودة التدريجية للمسار الدستوري تحت ضغط إقليمي ودولي، أو تكرار سيناريو مالي وبوركينا والنيجر عبر الدخول في مواجهة مفتوحة مع المنظمة ورفض شروطها، وفقاً لبانجورا.

Google News تابعوا آخر أخبار إقرأ نيوز عبر Google News
واتساب اشترك في قناة إقرأ نيوز على واتساب
تيليجرام انضم لقناة إقرأ نيوزعلى تيليجرام