أعطال طائرات A320.. إيرباص تتعامل مع التحديات بوضوح عكس أسلوب بوينغ

بعد سلسلة من المشكلات التقنية التي واجهتها طائرات A320، أكدت إيرباص التزامها بالشفافية واتباع نهج وقائي لحماية سمعتها، حيث طلبت تعليق تشغيل 6 آلاف طائرة لإجراء تحديثات ضرورية، رغم أن الأعطال لم تؤثر على السلامة الجوية، الأمر الذي يعكس قوة النظام الرقابي لديها. يُعتبر هذا النهج مخالفًا لما حدث مع بوينغ، حيث تسعى إيرباص لتفادي الأزمات من خلال التواصل الفوري مع الجهات المعنية، مما يعزز ثقة شركات الطيران في طرازاتها ويؤكد استمرارية الطلب العالمي عليها.

بعد فترة من التوتر في قطاع الطيران بسبب ظهور مشكلتين تقنيتين متتاليتين في طائرات A320، أكدت إيرباص من جديد التزامها بنهج وقائي يعتمد على الشفافية.

جاء إعلان إيرباص كخطوة تهدف للحفاظ على سمعتها العالمية وتجنب الأخطاء التي وقع فيها منافسها الأمريكي بوينغ، بينما يظل الطلب على طائراتها في أعلى مستوياته على مستوى العالم.

وأفادت صحيفة “ليزيكو” الفرنسية الاقتصادية بوجود سلسلة من الأزمات التقنية التي طالت طائرات A320، وقارنتها بشركة بوينغ.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه رغم أن هذه الحوادث لم تؤثر على السلامة الجوية، إلا أن حجم الإجراءات الوقائية أثار تساؤلات حول الأسباب والدلالات، خاصة مقارنة بما تواجهه بوينغ منذ سنوات.

من 6 آلاف طائرة متوقفة… إلى مشاكل جودة في هيكل A320

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن الخبير أرنو إيميه، المدير العام لفرع فرنسا في Sia Partners والمتخصص في قطاع النقل، قوله إن ما تفعله إيرباص هو “العكس تماماً مما قامت به بوينغ”، من خلال اعتماد استراتيجية شفافة ووقائية تهدف لحماية سمعتها ومنع أي كارثة محتملة، حتى لو كان الخلل بسيطاً أو نظرياً.

توقف 6 آلاف طائرة بسبب خطأ برمجي

وفي نهاية الأسبوع الماضي، طلبت إيرباص من شركات الطيران حول العالم تعليق تشغيل 6 آلاف طائرة من طراز A320 وA321 بشكل مؤقت لإجراء تحديث عاجل لبرمجيات نظام الطيران.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن الخلل لم يكن خطيراً ولم يتسبب في أي حادث، لكنه يتطلب تحديثاً إلزامياً لتجنب أي احتمال لظهور سلوك غير متوقع في ظروف طيران نادرة.

ورغم أن هذه الخطوة غير مسبوقة من حيث الحجم، إلا أنها تمت بسرعة وبالتنسيق مع السلطات الجوية، مما سمح بإعادة معظم الطائرات إلى الخدمة فوراً بعد التحديث.

ضربة ثانية: مشاكل جودة في ألواح الهيكل

وبعد يومين فقط، واجهت الشركة اكتشافاً جديداً يتعلق بعيوب إنتاج في بعض ألواح الفسرجة الخاصة بعائلة A320، وهذه العيوب ليست خطيرة على السلامة، لكنها لا تتوافق مع معايير الجودة الدقيقة التي تعتمدها إيرباص، مما دفعها لإطلاق سلسلة من الفحوصات والتصحيحات في خطوط الإنتاج، وفقاً للصحيفة الفرنسية.

لماذا تتكرر الأعطال في الوقت نفسه؟

ورأى أرنو إيميه أن “هذه الأعطال ليست مؤشراً على انهيار جودة إيرباص، بل على نظام رقابة صارم يكتشف أي خلل في وقت مبكر جداً”، مضيفاً أن القطاع يشهد اليوم ضغوطاً غير مسبوقة لتسريع الإنتاج لتلبية الطلب العالمي الهائل على الطائرات ذات الممر الواحد، بالإضافة إلى نقص اليد العاملة عالية الخبرة بعد جائحة كورونا.

وأضاف أن من بين الأسباب أيضاً الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، والحاجة لدمج تقنيات وبرمجيات جديدة في الطائرات الحديثة.

ويرى أن الاكتشاف المبكر للعيوب دليل على قوة المنظومة الرقابية، وليس بالضرورة على تدهور الجودة.

“إيرباص تفعل عكس بوينغ”: ما المقصود بذلك؟

وقال إيميه إن إيرباص تعتمد سياسة “التواصل الفوري” وتتعامل بشفافية تامة، من خلال الإعلان المبكر عن أي عيب، والتنسيق مع الهيئات التنظيمية، وإشراك شركات الطيران بسرعة، واتخاذ إجراءات حتى لو كان الخلل نظرياً وغير خطير.

وأضاف أن إيرباص ترغب في تجنب السيناريو الكارثي الذي واجهته بوينغ، حيث أدى التعتيم إلى أزمات طاحنة، مشيراً إلى أن بوينغ واجهت سلسلة من الأزمات بسبب تأخر الاعتراف بالمشكلات، وضغط الإنتاج الذي أدى إلى تراجع الجودة، بالإضافة إلى حادثتي تحطم 737 MAX، واكتشاف عيوب في خطوط إنتاج 787 و777، وتوتر العلاقة مع الهيئات التنظيمية مثل FAA.

وأوضح أنه في المقابل، إيرباص اليوم تكشف عن الخلل قبل أن يتحول إلى خطر، وتوقف آلاف الطائرات إذا لزم الأمر، وتتحمل التكاليف الآنية للحفاظ على الثقة طويلة الأمد.

هل تهدد هذه السلسلة من الأعطال مكانة إيرباص؟

ورداً على سؤال هل تهدد هذه السلسلة من الأعطال مكانة إيرباص؟، أجاب إيميه لا، موضحاً أن الطلب العالمي على A320 لا يزال في أعلى مستوياته، كما أن شركات الطيران تعتبره الطراز الأكثر موثوقية في السوق، بالإضافة إلى أن منظومة الفحص الأوروبية تعتبر من الأكثر صرامة في العالم، فضلاً عن أن الأسواق المالية لم تظهر ذعراً كبيراً، رغم بعض التراجع المؤقت.